لم ينتهِ بعد الجدل القائم على المتّهم بكسر "أنف" تمثال "أبو الهول"، الموجود في ساحة أهرامات الجيزة على مدار آلاف السنين.
فأكثر من متّهمٍ يدورون في فلك هذه الجريمة، ولكن المتّهم الشائع هو قائد الحملة الفرنسيّة نابوليون بونابرت.
لكن على ما يبدو، فإنّه بريء، وأن الحديث عن تورّطه هو عقاب تداولته القصص والحواديت من العامّة لما إقترفه بحقّ المصريّين في 3 سنواتٍ تواجد فيها في المحروسة.
وفي السنوات الأخيرة، أُجريت دراسات متخصّصة من قِبل خبراء آثار حول هويّة الجاني الذي أصاب "أنف" تمثال "أبو الهول".
وعلى الرغم من أنّ هذه الدراسات برّأت ذمّة نابوليون، إلّا أنّ كونها دراسات علميّة لم تخرج من مكتبات كليّات الآثار أو المجلس الأعلى للآثار، جعلت التهمة موجّهةً للقائد الفرنسي.
نابوليون متورّط... فهل هو بريء؟
الباحث الآثاري، عيسى عبدالسلام، قال إنّ الدراسات التي برّأت ذمّة نابوليون في كسر "أنف" تمثال "أبو الهول"، هي حقيقيّة، وذلك نظراً لأنّ هناك رسوماتٍ وكتب لـ"المقريزي"، الذي كان من أهم المؤرّخين، والذي عاش في مصر في القرن الخامس عشر، حيث توفي في عام 1442.
و تؤكد كتاباته وقتها أنّ "أنف" أبو الهول كان مكسوراً في زمنه، في حين أنّ بونابارت جاء بالحملة الفرنسيّة في نهاية القرن الثامن عشر عام 1798.
و أوضح عبد السلام لـ"يلافيد" أنّ نابوليون كانت له أغراض علميّة أيضاً بجانب أغراضه التوسعيّة، وجاء إلى مصر ببعثاتٍ من الآثاريّين لإكتشاف الحضارة الفرعونيّة التي كان يحترمها.
فليس من المنطقي أن يُقبل على كسر أنف "أبو الهول".
روايات وحكايا...وعقاب بونابارتي
و تتّحد روايات لأصحاب الحكايا في عقودٍ بالقرن الـ19، تتحدّث عن أنّ نابوليون هو من قام بهذه الجريمة، و إستمرّت هذه الحكايا ليُعتمد عليها في أفلامٍ وكتب أيضاً تتحدّث عن أنّ نابوليون أراد معاقبة المصريّين بسبب ما يفعله الثوّار ضدّ قوّاته.
ولذلك وقف بمدفعه و صوّبه لهدم تمثال "أبو الهول"، إلّا أنّ ما تعرّض للتهشّم هو الأنف فقط بعقابٍ "بونابارتيٍّ" مزعوم.
السلطان العثماني سليم الأول في دائرة الإتهام
في عام 1517، إحتلّ السلطان العثماني سليم الأول مصر، بعد إنتصاره على المماليك، و قام بإعدام السلطان طومان باي على "باب زويلة"، ثمّ إرتكبت قوّاته من الإنكشاريّين جرائم في شوارع القاهرة.
و خرجت روايات مع مرور الزمن بأنّ سليم أراد معاقبة المصريّين، فقام بضرب التمثال بمدافع باروديّة.
لكن هناك دلائل تؤكّد عدم وصول سليم للأهرامات وعودته إلى إسطنبول، عاصمة الدولة العثمانيّة، لمواجهة تمرّد الإنكشاريّين هناك.
يبدو أنّ الجاني هو الصوفي "صائم الدهر"
و يبرّئ المؤرّخ "المقريزي"، نابوليون وسليم، و يؤكّد تورّط شخصٍ آخر، وهو أحد المشايخ الفاطميّين، و يُدعى "صائم الدهر"، الذي كان مستقرّاً في منطقة الأهرامات.
وكان يرى تمثال "أبو الهول" على أنّه وثن من الأصنام، رافضاً تبارك المصريّين به، فجمع أنصاره و عملوا على هدمه، لكنّ المحاولات أصابت الأنف فقط!

0 التعليقات
إرسال تعليق